الميثاق من أجل المتوسط..تجديد الالتزام الأوروبي تجاه منطقة المتوسط
قدمت المفوضية الأوروبية والممثلة السامية اليوم استراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز علاقات الاتحاد الأوروبي مع شركائه في جنوب البحر المتوسط يستند على الروابط التاريخية والثقافية.
ويركز ميثاق المتوسط على مجالات الاهتمام المشترك كما يعزز التعاون والروابط الاقتصادية بين ضفتي البحر المتوسط وما بعدهما ويساهم في بناء فضاء متوسطي مشترك موصول، مزدهر، مرن وآمن وفق ما أعلنته كايا كالاس، الممثلة السامية للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوضية.
وقالت كالاس في كلمتها التي ألقتها في النقطة الصحفية المخصصة للغرض "لا يمكن المبالغة في تقدير الأهمية الجيوسياسية للبحر المتوسط. تربط المنطقة ثلاث قارات وتشكل جسرًا نحو الاتحاد الأوروبي لتبادلات مهمة بين الشعوب واقتصاداتنا وأمننا. بميثاق المتوسط الجديد، نفتح فصلًا جديدًا وفرصةً لتعاون أكثر إنتاجية واستقرار دائم في المنطقة."
وأضافت أن هذا التعاون يشمل دعم شبكات الجيل الخامس ومراكز البيانات وإنشاء جمعية برلمانية شبابية في البحر المتوسط وجامعة متوسطية جديدة.
كما يمكن أن يمنح هذا الميثاق الشباب في البلدان الشريكة فرصة أفضل من خلال التدريب وفرص العمل وتعزيز الاقتصاديات المحلية.
الموضوع المشترك الذي تطرقت إليه نائبة رئيس المفوضية هو جمع الناس وذلك من خلال مجموعة واسعة من المبادرات مثل ربط السكك الحديدية والطرق والممرات البحرية ومد الكابلات البحرية التي تنقل البيانات بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب البحر المتوسط بالإضافة الى فرص تحسين التعامل مع التهديدات الأمنية المشتركة و تعزيز التعاون من خلال البعثات العسكرية والمدنية للتصدي الأوروبي في المنطقة لكل مظاهر التهديد المشترك والتعاون في مجال التصدي للكوارث عبر نظام إنذار مبكر يعتمد على الذكاء الاصطناعي ومركز إقليمي جديد لمكافحة الحرائق سيتم اطلاقه في شهر نوفمبر بشكل رسمي.
ويقوم الميثاق من أجل المتوسط الذي تم تقديم اليوم على مبادئ المشاركة في الملكية، والإبداع المشترك، والمسؤولية المشتركة ويسلك منهجًا عمليًا، يركز على مبادرات ملموسة ستخلق قيمة مضافة لشعوب واقتصاديات جميع ضفاف المتوسط بهدف خلق منافع متبادلة، من إنتاج الطاقة النظيفة إلى تحرير الاستثمارات الخاصة.
كما سيتم تحقيق هذا الهدف من خلال حشد مشاريع إقليمية تخلق فرصًا للمواطنين والشركات، مع تركيز خاص على الشباب والنساء والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وصرحت مفوضة شؤون المتوسط دوبرافكا شويكا في هذا الصدد بالقول "يُظهر الميثاق بوضوح إعادة تركيز وتجديد التزام الاتحاد الأوروبي تجاه منطقة البحر المتوسط. هذا الميثاق يتعلق بالأفراد حيث تكمن أكبر قوة للمنطقة في شبابها وإبداعها ومواهبها.
الميثاق أيضًا يتعلق بالازدهار المشترك اذ أنه سيخلق فرص استثمارية ووظائف جديدة إضافة الى الاستثمار في مجال الأمن، والتأهب، وإدارة الهجرة. سيجعل التعاون الوثيق والمشاركة في الملكية منه نجاحًا لمواطنينا على جميع ضفاف بحرنا المشترك."
بالإضافة إلى ذلك بينت مفوضة شؤون المتوسط أن الميثاق يتيح أيضًا فرصة لدفع عجلة التعاون في مجالات الأمن، والتأهب، وإدارة الهجرة إلى الأمام. وتندرج مجالات الاهتمام المشترك مثل الأمن البحري، ومرونة البنى التحتية الحرجة، والتدخل الأجنبي ضمن الإجراءات المحددة لتعزيز التعاون الإقليمي في مجال السلام والأمن.
وأكدت المفوضة على هذه النقطة من خلال إجراءات لمعالجة التحديات الأمنية المشتركة، وتعزيز التأهب الإقليمي، والتعاون من أجل نهج شامل للهجرة.
ومن بين المبادرات ذات الأولوية التي ذكرتها التأهب والمرونة في مواجهة الكوارث في منطقة البحر المتوسط حيث سيتم تشجيع نهج شامل لإدارة الهجرة، وكذلك نهج مشترك للإدارة المتكاملة للحدود والأمن، والذي سيشمل شراكات عملية لمكافحة تهريب المهاجرين وسيتم إنشاء منتدى إقليمي للسلام والأمن للاتحاد الأوروبي ودول جنوب البحر المتوسط.
وقالت المفوضة في هذا الإطار "سوف نقوم بتوطيد الحوار الإقليمي فيما يتعلق بالأمن الداخلي من أجل مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب بشكل ثابت وسنعزز منصة الإتحاد الأوروبي لمنع التطرف الراديكالي".
كما يشمل الميثاق إجراءات متعلقة بتحديث علاقات التجارة والاستثمار، وتحفيز الطاقة والتقنيات النظيفة، ومرونة قطاع المياه، والاقتصاد الأزرق والزراعة، والاتصال الرقمي والنقل، وكذلك خلق فرص العمل.
وفي هذا السياق، ستكون مبادرة عبر المتوسط للطاقات المتجددة والتقنيات النظيفة (T-MED) و StartUp4Med من بين المشاريع الرائدة في هذا الركيزة كما سيعمل الشركاء أيضًا على دمج سلاسل التوريد، بما في ذلك في قطاعي الصحة والزراعة، وكذلك على المواد الخام الحرجة.
واعتبرت المفوضة أن ذلك سيقرب الربط الفعال والآمن والموثوق للبنى التحتية الرقمية بين الاقتصادات والمواطنين، بينما سيتم تشجيع اقتصاد أزرق أكثر استدامة وقادرة على التجدد في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وتحدثت كذلك عن إجراءات متعلقة بتعزيز التعليم العالي، والتدريب المهني، والمهارات والتوظيف، وتمكين الشباب والمجتمع المدني، والتنقل، والثقافة، والسياحة، والرياضة، مع تركيز قوي على الشباب.
وأضافت ان الجامعة المتوسطية ستكون مشروعًا رائدًا في هذا الإطار حيث ستربط الطلبة من جميع ضفاف البحر المتوسط. كما سيتم تعزيز النظم الإيكولوجية الحالية للتعليم والتدريب التقني والمهني.
وأكدت على أن الميثاق مفتوح أيضًا للتعامل مع شركاء خارج جنوب البحر المتوسط، بما في ذلك دول الخليج وأفريقيا جنوب الصحراء والبلقان الغربية وكذلك تركيا.
الخطوات القادمة
وللإشارة فإنه سيتم ترجمة المبادرات المقترحة في إطار الميثاق إلى خطة عمل محددة، تحدد البلدان المشاركة وأصحاب المصلحة لكل مبادرة حيث من المقرر أن تكون خطة العمل الأولية جاهزة في الربع الأول من عام 2026 و ستكون خطة Action وثيقة قابلة للتطوير، حيث يمكن إضافة مبادرات جديدة لها بمرور الوقت.
كما ستدعى المنظمات الإقليمية والمجتمع المدني ومنظمات الشباب لدعم تنفيذها، بينما سيتم إطلاع مؤسسات الاتحاد الأوروبي بانتظام على مراحل تنفيذها.
بشرى السلامي